سلس البراز عند الأطفال: الأعراض، الأسباب والعلاج

ما هو سلس البراز؟

سلس البراز (Fecal incontinence) مشكلة شائعة جدًّا لدى الأطفال، ويُعرف بالتّغوّط اللّإرادي في أوقات غير مناسبة إذ يفقد فيه الطّفل القدرة على التّحكم بالبراز، ويحدث بعد السّنّ النّموذجيّ لإتمام الطفل التّدريب على استخدام المرحاض، أي بعد سنّ 4 سنوات،^[١] ويسبّب سلس البراز مشكلة اجتماعية وإحراجًا شديدًا للطّفل وذويه، ويؤثّر سلبًا على نمط حياتهم، ويُقسم سلس البراز إلى نوعين:^[٢]

• سلس البراز المرضي: والذي يحدث نتيجة اضطرابات أو حالات مرضيّة معيّنة، أو تشوّهات تشريحيّة في جسم الطّفل.
• سلس البراز العرَضي: ويحدث عند تدريب الطّفل على استخدام المرحاض والذي يؤدّي إلى حدوث إمساك مزمن عند رفض الطّفل استخدام المرحاض، أو نتيجة وجود خلل تشريحيّ أدّى إلى حدوث الإمساك والذي بدوره سبّب سلس البراز.

كيف يحدث سلس البراز؟

عند إصابة الطّفل بالإمساك يتراكم البراز داخل المستقيم، ومن ثمّ يندفع إلى الخلف ليتجمّع في القولون، وبما أنّ وظيفة القولون هي إزالة الماء من البراز، فكلّما تراكمت كميات كبيرة من البراز في القولون، زادت كمّية الماء المسحوبة من البراز ممّا يزيده صلابة، وبالتّالي يواجه الطّفل صعوبة أكبر في إخراجه، إضافة إلى ذلك يسبّب البراز القاسي استطالة القولون وضعف العضلات المحيطة، كما يؤثّر في الأعصاب التي تتحكّم في إدراك الحاجة للذّهاب إلى الحمّام للتّغوّط، وحينها لن يستطيع القولون دفع البراز القاسي، كما سيكون مؤلمًا للطّفل تمريره، وبالتّالي سيتجنّب الطّفل حركة الأمعاء عن طريق الرّقص، أو مُقاطعة ساقيه، أو المشي على أطراف أصابعه، وفي نفس الوقت سيمتلئ المستقيم والجزء السّفلي من القولون بالبراز، ممّا يعيق عمل العضلات العاصرة التي تتحكّم بتمرير البراز عبر الشّرج عن أداء وظيفتها، ويحدث سلس جزئي للبراز، إذ سيخرج البراز الطري المتراكم خلف البراز القاسي، وتتلوّث ملابس الطفل الداخلية به.^[٣]

أعراض وعلامات سلس البُراز عند الأطفال

يُمكن مُلاحظة بعض الأعراض والعلامات على الطّفل المُصاب بسلس البُراز، مثل:^[٤]

• اتّساخ الملابس الدّاخلية.
• صُدور رائحة كريهة من الطّفل بسبب رائحة البراز.
• التّعرّض لفترات من الإمساك.
• ظهور خطوط من الدّم على السّطح الخارجي للبراز، أو على ورق المرحاض المُستخدم للمسح بعد التّغوّط.
• ألم في أسفل البطن أو المستقيم.
• التبوّل اللّاإرادي والذي قد يحدث نتيجة ضغط البراز المتراكم في المستقيم.

أسباب سلس البُراز عند الأطفال

يحدث سلس البراز لدى الأطفال الذين لا يستطيعون إخراج البُراز بالشّكل الصّحيح، والذي قد يحدث للأسباب التّالية:^[٢]

• الإمساك.^[٥]
• الإسهال.^[٥]
• تضرُّر الأعصاب المسؤولة عن إدراك المستقيم الحسّي والتي تتحكّم في عمليّة التّبرّز، وقد يحدث هذا الضّرر نتيجة لجراحة الشّرج أو الإمساك.^[٦]
• عدم قدرة عضلات المستقيم على الاستطالة نتيجة مشاكل طبيّة معيّنة، أو بسبب النّدب النّاتجة عن جراحة في المستقيم (في حال خضَع الطّفل مُسبقًا للجِراحة).^[٦]
• التشوّهات الشّرجية الخلقيّة في منطقة الشّرج.
• داء هيرشسبرونغ (Hirschsprung disease)، أو ما يُعرف بتضخّم القولون العقدي الخلقي، والذي ينطوي على عدم تطوّر الخلايا العصبيّة للطّفل بشكل طبيعي، ممّا يؤخّر تقدّم البراز عبر الأمعاء.^[٧]
• مشاكل في الجهاز العصبيّ مثل السّنسنة المشقوقة (Spina Bifida).^[٥]
• وجود مشاكل في المستقيم مثل تدلّي المستقيم (Rectal prolapse).^[٦]
• الخُضوع للعلاج الإشعاعي.^[٦]

تشخيص سلس البُراز عند الأطفال

لغايات تشخيص سلس البراز عند الأطفال، يحتاج أخصّائي الجهاز الهضمي إلى معرفة التّاريخ المرضي للطّفل، والأعراض التي يعاني منها، ووقت حدوثها، ومدى شدّتها، إلى جانب النّظام الغذائي الذي يتبعه، وكذلك القيام بالفحص السّريري، وقد يحتاج إلى إجراء أحد الفحوصات التالية:^[٨]

• فحص قياس الضّغط الشّرجي: (Anal manometry)، إذ يدخل الطّبيب في هذا الفحص أنبوبًا رفيعًا مرنًا في الشّرج والمستقيم لقياس قوّة العضلات العاصرة وشدّتها.^[٦]
• تصوير منطقة البطن والحوض: لتحديد المشاكل في المستقيم والشّرج (يُحدّد الطّبيب طريقة التّصوير المُناسبة).^[٨]
• تنظير المستقيم السّيني: (Proctosigmoidoscopy)، سيقوم الطّبيب بإدخال أنبوب التّنظير المرن إلى المستقيم والقولون والأمعاء الغليظة ليرى ما إذا كان هنالك التهاب في الأنسجة أو ندب أو أورام.^[٦]

علاج سلس البُراز عند الأطفال

يعتمد علاج سلس البراز على تحديد السّبب الذي أدّى إلى حدوثه، إلى جانب الأمراض والحالات التي يعاني منها الطّفل، ويهدف العلاج إلى تمكين الطّفل من الإخراج من 1- 3 مرات يوميًّا في المرحاض ودون أن تتّسخ ثياب الطّفل الدّاخلية،^[١] وينطوي العلاج على اتّباع برنامج متكامل يجمع بين الإجراءات الطّبية والنّظام الغذائيّ والأدوية، ويتضمّن العلاج ما يلي:^[٢]

الحقنة الشّرجية

الإجراء الأمثل هو استخدام الحقنة الشّرجية لتفريغ القولون، وتمرين الأمعاء على استقرار حركتها في الفترات التي بين استخدام الحقنة الشّرجية، وينطوي هذا الإجراء على إدخال أنبوب إلى المستقيم، وطرد البراز بمحلول موصوف وغالبًا يتكوّن من الماء والملح.^[٢]

النّظام الغذائي

يحتاج الطّفل إلى اتّباع نظام غذائيّ متوازن إلى جانب كمّية وفيرة من السّوائل للمساعدة على تخفيف الإمساك، إلى جانب تليين البراز ممّا يسهل تمريره ودون أن يسبّب الكثير من الألم، ويُنصح بأن يحتوي النّظام الغذائيّ على الموز، والبطاطا، والمعكرونة، وزبدة الفول السّوداني، والأجبان، وفي المقابل ينبغي تجنّب الأطعمة التي تزيد من حركة الأمعاء الدّوديّة مثل بعض أنواع عصائر الفواكه، والفاصولياء والملفوف، واللّحوم المدخّنة والأطعمة الحارّة، ومنتجات الألبان، والمحليات الصناعية.^[٦]

الأدوية

قد يصف الأطباء بعض المُليّنات لعلاج الإمساك على أن تؤخذ بانتظام، ويستمر الطفل في أخذها إلى أن يتأكد الطبيب من التخلص من الإمساك والحفاظ على البراز ليّنًا ويسهل تمريره، ويوجد نوعان رئيسيّان من المسهلات يُمكن أخذهما معًا، وهما:^[٩]

• المليّنات الاسموزيّة: (Osmotic laxatives)، وتعمل على إعادة السوائل إلى الأمعاء ممّا يزيد من ليونة البراز ويسهل تمريره.
• المليّنات المُحفِّزة: (Stimulant laxatives)، وهي تحفّز حركة الأمعاء لدفع البراز.

الجراحة

قد يستفيد الأطفال الذين خضعوا سابقًا لجراحة لتصحيح التّشوّهات الشّرجيّة من إعادة الإجراء من أجل تحسين قدرتهم على التّحكّم في حركة الأمعاء، كما يُمكن استخدام تقنية جديدة تُسمّى تحفيز العصب العجزي (Sacral nerve stimulation - SNS)، والتي تلغي الحاجة لاستخدام الحقنة الشّرجيّة، وتتضمّن جهازًا يرسل إشارات كهربائيّة لتنبيه الأعصاب التي تتحكّم في سلس البراز.^[٢]