تعاني مناطق عديدة من شتّى أنحاء العالم من مشكلة سوء التّغذية، والتي تنعكس على صحّة الفرد ونموّه الطّبيعي وبقائه حيًّا؛ إذ يتطلّب الحصول على جسد سليم خالٍ من الأمراض اتّباع نظام غذائيّ متوازن يحتوي على العناصر الغذائيّة الأساسيّة، كالكربوهيدرات، والبروتينات، والدهون، والفيتامينات، إلى جانب الاهتمام باللّياقة البدنيّة؛ وذلك لتجنّب الإصابة بسوء التّغذية، فما هي هذه المشكلة؟ وما أسبابها وطرق علاجها؟[١]

سوء التغذية

يُعرف مصطلح سوء التّغذية (بالإنجليزية: Malnutrition) بأنه اختلال يؤدي إلى نقص أو تجاوز في استهلاك الفرد للسّعرات الحرارية أو العناصر الغذائيّة، ممّا يؤدي إلى ظهور مشاكل في النّمو والصّحة العامّة للجسم، وتُقسم حالات سوء التّغذية إلى مجموعتين رئيسيّتين هما:[٢]

  • نقص التغذية: (بالإنجليزية: Undernutrition)، وهو وجود نقص في السّعرات الحرارية أو أحد العناصر الغذائية الأساسية كالفيتاميانات والمعادن، ويتضمّن انخفاضًا في الطّول بالنسبة للعمر فيما يُعرف بالتّقزم، وكذلك انخفاض وزن الجسم بالنّسبة للعمر، وهو شائع في المناطق الفقيرة والتي لا يستطيع أفرادها الحصول على حاجتهم من الطعام.
  • زيادة التغذية: (بالإنجليزية: Overnutrition)، وهو استهلاك الكثير من السّعرات الحرارية أو العناصر الغذائيّة الأساسيّة كالفيتامينات والمعادن والدّهون بما يفوق حاجة الجسم، ممّا يؤدي إلى زيادة الوزن والإصابة بالسّمنة والأمراض المرتبطة بالنّظام الغذائي، كأمراض القلب والسّكتة الدّماغية والسّكري والسّرطان.


أعراض وعلامات سوء التغذية

ينطوي على الإصابة بسوء التّغذية مجموعة من الأعراض والعلامات، فيما يلي أبرزها:[٣]

  • قصر في القامة، وزيادة أو نقصان في وزن الطفل مقارنةً بعمره.
  • اضطرابات غذائيّة تؤثّر في مختلف أجهزة الجسم وكذلك الحواس الخمس، كالنّظر والشّم والتّذوق.
  • ظهور علامات الأرق والاضطرابت المزاجيّة والنّفسية المختلفة.
  • شحوب وجفاف الجلد، وزيادة سماكته، وتغير في تصبغاته.
  • سهولة التّعرض للكدمات.
  • ظهور طفح جلديّ.
  • آلام في المفاصل.
  • تورّم اللّسان إضافةً إلى ظهور التّشققات فيه.
  • سهولة نزف اللثة.
  • العشى اللّيلي.
  • زيادة الحساسيّة للضّوء والوهج.
  • ضعف الشّهية وفقدان المتعة في تناول الطّعام والشّراب.[٤]
  • فقدان الوزن خاصّة في حالات نقص التغذية.[٤]
  • الشعور بالضّعف العام والبرد في معظم الأوقات.[٤]
  • ضعف التّركيز.[٤]
  • سرعة الإصابة بالأمراض وبطء التعافي.[٤]


أسباب وعوامل سوء التغذية


قلة تناول الطّعام

يعاني بعض الناس من صعوبة الحصول على القدر الكافي من الطّعام، أو يجدون صعوبة في تناوله أو امتصاصه، ويحدث ذلك في الحالات التّالية:[٥]

  • الإصابة بالسرطان.
  • الإصابة بأمراض الكبد.
  • تناول بعض الأدوية، أو الإصابة بالحالات التي تسبّب الغثيان أو صعوبة في الأكل أو البلع.


الاضطرابات النّفسية

قد يعاني الأفراد المصابون بالاضطرابات التالية من سوء التّغذية، لما لها من تأثير على رغبتهم في تناول الطّعام، مثل:[٦]

  • الاكتئاب أو الانفصام.
  • الخرف (بالإنجليزية: Dementia).
  • فقدان الشّهية العصابي (بالإنجليزية: Anorexia).


الظروف الاجتماعية

تؤثر بعض العوامل في عادات تناول الطّعام لدى الفرد، وممارسته للأنشطة الروتينية اليومية، مثل:[٧]

  • مواجهة صعوبة بدنيّة في إعداد وشراء الطّعام.
  • أن يعيش الفرد وحيدًا مما يفقده الرّغبة في تحضير الطّعام أو تناوله.
  • ضعف مهارات الفرد في طهي الطّعام.
  • الفقر.


الاضطرابات الهضميّة

تسبب الاضطرابات الهضميّة سوء امتصاص للعديد من العناصر الغذائيّة الأساسيّة، حتّى وإن كان الفرد يتناول كميات جيّدة من الطّعام الصّحي، ومن هذه الاضطرابات:[٨]

  • مرض التهاب الأمعاء (بالإنجليزية: Inflammatory Bowel Disease).
  • الإسهال.
  • الداء البطني (بالإنجليزية: Celiac Disease).
  • مرض القولون العصبي (بالإنجليزية: Irritable Bowel Syndrome (IBS)).
  • فشل الكبد.
  • الذئبة الحمامية الجهازية (بالإنجليزية: Systemic Lupus Erythematosus (SLE)).


اضطراب تعاطي الكحول

يؤدي الإفراط في تعاطي الكحول إلى حدوث التهابات في الجهاز الهضمي، أو تلف كبير في البنكرياس المسؤول عن إنتاج الإنزيمات التي يحتاجها الجسم لإتمام عمليّة الهضم وامتصاص العناصر الغذائيّة، إضافةً إلى إنتاجه الأنسولين الذي يضبط مستوى السّكر في الدّم، والهرمونات التي تساعد على تنظيم عملية الأيض، مما يسبّب سوء الهضم والامتصاص للعناصر الغذائية وبالتالي الإصابة بسوء التّغذية، كما يحتوي الكحول على سعرات حراريّة عالية يمنح الفرد شعورًا بالشّبع، ويمنعه من تناول الطعام الصحي وحصوله على احتياجاته الغذائيّة الكافية.[٩]


زيادة الاحتياجات الغذائيّة

تسبّب معظم الحالات المرضية استنفاذًا كبيرًا للطّاقة وفقدان العناصر الغذائية؛ مما يؤدّي إلى سوء التّغذية، ومن هذه الحالات:[١٠]

  • الحمل.
  • الإصابات والعمليات الجراحية والعدوى.
  • أمراض الجهاز التّنفسي الانسداديّة، والتي تؤثّر في عملية الأيض.
  • الأمراض المزمنة مثل قصور القلب والسّكري.


علاج سوء التغذية

يعتمد علاج سوء التغذية على شدّة تدهور الحالة، والأسباب التي أدّت إلى حدوثها، ويمكن أن تتم متابعة حالة الفرد في المنزل بدعمٍ من أخصّائي التغذية، بينما في الحالات الشّديدة سيتطلب العلاج البقاء في المستشفى، ويكون العلاج على النّحو التّالي:[١١]

  • اتباع نظام غذائيّ متوازن يحتوي على العناصر الغذائية الضروريّة، وكميّة مناسبة من السّعرات الحراريّة تكفي حاجات الجسم، [١١] مع الحرص على تناول وجبات صغيرة متعدّدة خلال اليوم.[١٢]
  • استخدام أنابيب التّغذية بأنواعها المختلفة عبر الأنف وفي المعدة، في الحالات التي تعاني من صعوبة في البلع.[١١]
  • إعطاء المغذيات كالكالسيوم والبوتاسيوم من خلال الوريد.[١٢]
  • دعم المصابين اجتماعيًّا من خلال الزّيارات المنزلية وتأمين احتياجاتهم من الطّعام، ومتابعتهم من قبل أخصّائي العلاج الوظيفي لمساعدتهم عند وجود مشاكل في أداء الأنشطة اليومية، أو من قبل أخصّائي تقويم النّطق لمساعدة الأفراد الذين يعانون من صعوبة في البلع.[١١]
  • بالنسبة للأطفال الذين يعانون من نقص التّغذية الشّديد فهؤلاء بحاجة إلى رعاية طبية كبيرة في المستشفى، وزيادة استهلاكهم من الطّعام والعناصر الغذائية تدريجيًّا، ومن ثم تحويلهم للنّظام الغذائيّ العادي، والمتابعة في المنزل بعد التحسن الجيّد في حالتهم الصّحية.[١١]


طرق الوقاية من سوء التغذية

يُعد اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن المفتاح الأساسي للوقاية من سوء التغذية، والتأكد من حصول الجسم على كافة احتياجاته من العناصر الغذائية، ويُركز النظام الغذائي الصحي والمتوازن على ما يلي:[١٣]

  • الفاكهة والخضروات والتي يُنصح باستهلاكها بمعدل 5 مرات في اليوم على الأقل.
  • الخبز والأرز والبطاطس والمعكرونة والحبوب والأطعمة النشوية الأخرى.
  • الحليب ومنتجات الألبان، كالجبن والزبادي.
  • اللحوم والأسماك والبيض والفاصوليا والمكسرات ومصادر البروتين الأخرى غير الألبان.
  • الحد من تناول الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون أو السكريات.


إضافةً إلى ذلك إذا كان سوء التغذية مرتبطًا بحالة صحية أساسية، فقد تكون هناك احتياجات غذائية أكثر تعقيدًا، أو قد يحتاج المصاب إلى عناصر إضافية في نظامه الغذائي مثل المكملات الغذائية،[١٣] أما بالنّسبة لكبار السّن الذين يعانون من سوء التّغذية، فقد يفيد التّحفيز والتشجيع على تناول الطعام في زيادة إقبالهم عليه، ولا ضير في إضافة المنكّهات التي تمنح الطّعام مذاقًا لذيذًا، كما ينبغي توفير المساعدة في التّسوق لمن يعاني منهم من أمراض تعيق الحركة أو تمنعهم من الخروج من المنزل، وأما كبار السّن الذين يعيشون في دور الرّعاية، فيُنصح بالاهتمام بترتيب غرفة الطّعام وجعلها جذّابة لزيادة رغبتهم في تناول الطعام.[١٤]


أما بالنسبة للأطفال فيُنصح باتّباع الإجراءات الوقائيّة التالية:[١٥]

  • تعليم الأمّهات والعاملين مع الأطفال قواعد التّغذية السّليمة المتوازنة، والكّمية اللازمة لسدّ احتياجات الأطفال الغذائيّة، والتأكّد من معرفتهم علامات سوء التّغذية.
  • العناية بالنظافة الشّخصية والتي تمنع الإصابة بالأمراض المعدية التي تصيب الجهاز الهضمي، وتسبّب مشاكل في التّغذية.
  • جمع التبرّعات النّقدية والغذائيّة لمساعدة الفقراء الذين لا يستطيعون الحصول على الطعام اللازم لهم.

المراجع

  1. "malnutrition", nursingtimes, 20/5/2009, Retrieved 27/3/2021. Edited.
  2. "Malnutrition", who, 15/4/2020, Retrieved 27/3/2021. Edited.
  3. "malnutrition", hopkinsmedicine, Retrieved 27/3/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث ج "symptoms", nhs, 7/2/2020, Retrieved 27/3/2021. Edited.
  5. Yvette Brazier (3/1/2020), "Malnutrition: What you need to know", medicalnewstoday, Retrieved 27/3/2021. Edited.
  6. Deborah Leader (17/8/2020), "An Overview of Malnutrition", verywellhealth, Retrieved 27/3/2021. Edited.
  7. ^ أ ب ت ث ج "treatment", nhs, 7/2/2020, Retrieved 27/3/2021. Edited.
  8. ^ أ ب
  9. ^ أ ب "Malnutrition", nhsinform, 8/9/2020, Retrieved 17/4/2021. Edited.
  10. John E. Morley (1/1/2020), is a deficiency of,greatly increased need for calories. "Undernutrition", msdmanuals, Retrieved 16/4/2021. Edited.
  11. "Five Ways for Reducing Child Malnutrition in India", savethechildren, 7/8/2017, Retrieved 27/3/2021. Edited.