انغلاف الأمعاء: الأعراض، الأسباب والعلاج

تزداد فرص الإصابة بانغلاف الأمعاء لدى المواليد الرّضع والأطفال الصغار، فقد يصيب الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 شهور إلى 6 سنوات، وقد ينتج عنه مضاعفات خطيرة تهدد حياة الطّفل إذا أُهمل علاجه، فما هو انغلاف الأمعاء؟ وما هي أسباب حدوثه وطرق علاجه؟ لتعرف ذلك اقرأ هذا المقال.^[١]

انغلاف الأمعاء

يُعرف انغلاف الأمعاء (بالإنجليزية: Intussusception) بأنّه أحد أشكال الانسداد الحاصل في الأمعاء، والذي ينطوي على انزلاق جزء من الأمعاء داخل الآخر، ممّا يمنع مرور الطّعام والماء الذي تم هضمه عبرها، الأمر الذي قد يؤدي إلى مشاكل أكبر لاحقاً في حال عدم علاجه، ورغم إمكانيّة حدوث انغلاف الأمعاء في أيّ جزء من القناة الهضميّة، إلا أنّه يحدث عادة عند نقطة التقاء الأمعاء الدقيقة مع تلك الغليظة، ولا يُعرف إلى الآن السّبب الرئيسيّ لإصابة بهذه الحالة المرضية، إلا أنّه وجد هناك عدوى فيروسيّة في غالبيّة الحالات التي تسبق حدوثه، مما يعني أنه تزداد فرص حدوثه في فصلي الخريف والشتاء، إلا أنه قد يحدث في أي وقت آخر من السنة،^[٢] ويجدر الذكر أنه من النّادر أن يصيب البالغين، لكنّه قد ينجم لديهم عن وجود مشاكل صحيّة أخرى.^[٣]

الأعراض

تختلف أعراض الانغلاف المعوي بين طفل وآخر، إذ لا تظهر كلّها لدى جميع الأطفال، لكنّ الأكثر شيوعًا هو حدوث ألم مفاجئ في البطن على فترات زمنيّة متقطّعة، أي كل 15-20 دقيقة تقريباً، ومع مرور الوقت، تقصر هذه الفترة، وتطول فترات الألم، وقد يُلاحظ بكاء الطفل الرّضيع بصوت عالٍ مع محاولة شدّ الركبتين إلى الصّدر،^[٣] إضافة إلى ذلك قد يعاني الأطفال من الأعراض التالية:^[٤]

• خروج براز مختلط بدم أو مخاط، ويبدو كالمادّة الهلاميّة في بعض الأحيان.
• التقيّؤ، والذي يبدأ عادة بعد بدء نوبات الألم.
• الضّعف والإعياء العام.
• الإسهال.^[٥]
• انتفاخ في البطن.^[٥]
• الحمّى.^[٥]
• ظهور علامات الجفاف، مثل العطش الشديد، والعيون الغائرة، وجفاف الفم وغيرها.^[٥][٦]

أما بالنّسبة للبالغين، وبسبب ندرة حدوث الانغلاف المعوي لديهم، تتشابه أعراض الانغلاف المعوي مع تلك المرافقة لاضطرابات مرضيّة أخرى، لذا سيكون من الصّعب تحديد العلامات والأعراض المرتبطة به، مما يعني أن الأعراض قد تستمر لأسابيع قبل لجوء المريض إلى طلب الاستشارة الطّبية، لكنّ أشهر الأعراض التي قد تحدث هي آلام البطن التي تكون على فترات زمنيّة متقطّعة، كما قد يعاني البعض من الغثيان والتقيّؤ.^[٧]

الأسباب

كما أُشير سابقًا، يُعدّ السّبب الرئيسيّ لإصابة الأطفال بانغلاف الأمعاء مجهولًا، لكن لوحظ أنّه يحدث في غالبيّة الحالات نتيجة للأسباب التالية:^[٨]

• النزلة المعوية (Stomach Flu)، أو العدوى المعويّة البكتيريّة، التي قد تؤدّي إلى تورم وانتفاخ الخلايا اللّمفاويّة المحيطة ببطانة الأمعاء، مما يسبّب انزلاقها داخل بعضها لاحقًا.
• إصابة الأطفال الأقل من 3 شهور والأكبر من 5 شهور بأحد الأمراض التالية:
• تضخّم العقد اللمفاوية.
• الأورام المعويّة.
• وجود مشاكل في الأوعية الدموية المعويّة.
• وجد بعض الخبراء علاقة بين الانغلاف المعوي وإصابة الطّفل بأحد الأمراض التالية:^[٩]
• التليف الكيسي.
• داء كرون.
• التهاب الزّائدة الدّودية.
• الديدان الطّفيلية.
• مرض حساسيّة القمح (Celiac Disease).

أمّا بالنّسبة للبالغين، فقد يحدث الانغلاف المعوي للأسباب التالية:^[١٠]

• وجود أورام في الأمعاء.
• وجود لحميات أو زوائد في الأمعاء.
• وجود التصاقات نسيجيّة في الأمعاء.
• وجود التهاب معويّ نتيجة الإصابة بمرض معيّن، مثل داء كرون.
• الخضوع لجراحات إنقاص الوزن الزائد، مثل المجازة المعديّة (بالإنجليزية: Gastric bypass)، أو أي جراحة أخرى في القناة الهضمية.

عوامل الخطورة

تلعب العوامل التالية دورًا في زيادة احتماليّة الإصابة بانغلاف الأمعاء، مثل:

• السنّ: يكون الأطفال أكثر عرضة للإصابة، وخاصة الأطفال الرّضع، إذ يشيع حدوث الانسداد المعوي في الأعمار من 6 شهور إلى 3 سنوات.^[١٠]
• الجنس: يصيب انغلاف الأمعاء الذكور أكثر من الإناث.^[٧]
• خلل في تكوّن الأمعاء عند الولادة: قد يحدث خلل في استدارة الأمعاء (بالإنجليزية: Intestinal malrotation) عند الولادة، وهي حالة مرضيّة لا تتطوّر فيها الأمعاء بشكل صحيح، ممّا يزيد من احتمالية انغلافها.^[٧]
• التاريخ المرضي السابق: تزداد فرص الإصابة بانغلاف الأمعاء في حال الإصابة به سابقاً، أو في حال إصابة أحد أفراد العائلة به.^[٧]

التشخيص

إذا شعر الطفل أو البالغ بآلام في البطن غير طبيعية، ينبغي الذهاب إلى الطّبيب في أقرب وقت، أو الذهاب إلى قسم الطّوارئ لإجراء الفحص السريري بهدف الكشف عن انغلاف الأمعاء، حيث يتضمّن الفحص السريري الكشف عن ما يلي:^[١١]

• وجود كتلة في البطن تشبه شكل النقانق في الجهة اليمنى من البطن، وقد تكون خلف السرة.
• انتفاخ البطن الذي قد يشير إلى انسداد الأمعاء.
• الشعور باحتقان وألم عند لمس عضلات البطن.

وقد يجري الطّبيب الفحوصات التّصويرية لمنطقة البطن للحصول على تشخيص دقيق، وتتضمّن الفحوصات ما يلي:^[٧]

• تصوير البطن بالأشعة السينية: والذي قد يُظهر انسداد الأمعاء ومكان وجوده.
• تصوير الموجات فوق الصّوتية: ويُستفاد منه في الحصول على صورة لداخل البطن، ممّا قد يكشف عن أماكن انغلاف الأمعاء.
• الحقنة الشرجيّة الهوائية أو المتباينة: تُعطى الحقنة في منطقة المستقيم بعد ملئها بالهواء أو بسائل متباين، ثم تُستخدم الأشعة السينية لكشف مسار الحقنة الذي يمتد عبر الأمعاء.

العلاج

قد يسبّب انغلاف الأمعاء إذا تُرك دون علاج آثارًا سلبية خطيرة، وخلل وظيفي في الأمعاء وموت أنسجتها، لذا ينبغي في حال تشخيص الانغلاف المعوي اتّخاذ الإجراءات العلاجيّة التالية:^[١٢]

• الحقنة الشرجية الهوائية: لا تستخدم الحقنة الشرجية كوسيلة تشخيصية فقط، بل تعتبر وسيلة علاجية أيضاً، إذ إنه يعمل ضغط الهواء على دفع الأمعاء إلى الخلف، ممّا يجعلها تصحّح من دورانها من تلقاء نفسها، ويحدث هذا الإجراء مع استخدام تصوير البطن بالأشعة السينيّة للكشف عن مناطق الانسداد، وبعد تصحيح المشكلة، يكون بإمكان الطفل العودة إلى المنزل في وقت قريب بعد تعافيه بالكامل.
• الجراحة: إذا لم تنجح الحقنة الشّرجية في تصحيح مسار الأمعاء، أو عدم سماح حالة الطّفل باستخدام الحقنة الشرجية، سيُلجأ إلى الجراحة تحت تأثير التخدير العام، وتكون عادة باستخدام المنظار، لكن في بعض الأحيان تستدعي الحالة إجراء جراحة مفتوحة في البطن، حيث يقوم الجرّاح بدفع الأمعاء بلطف لتصحيح مسارها، ومن ثمّ التأكّد من تدفّق الدّم لتغذية الأمعاء بصورة طبيعية، وكذلك التّأكد من سلامة أنسجتها، وقد يضطر الجرّاح إلى استئصال الأنسجة التالفة من الأمعاء إن وجدت.

ومن المهمّ أيضًا علاج الأعراض المصاحبة للانغلاف المعوي، فمثلًا إذا حدث الجفاف نتيجة التقيّؤ أو الإسهال، فقد يلزم إعطاء المحاليل الوريدّية المغذّية للطّفل، أو استخدام أنابيب التغذية عبر الأنف إلى المعدة؛ لتجنّب تدهور حالة الطّفل.^[١٢]